سورة الزمر - تفسير تفسير الزمخشري

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الزمر)


        


{وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ (60)}
{كَذَبُواْ عَلَى الله} أي وصفوه بما لا يجوز عليه تعالى، وهو متعال عنه، فأضافوا إليه الولد والشريك، وقالوا: هؤلاء شفعاؤنا، وقالوا: {لَوْ شَاء الرحمن مَا عبدناهم}، وقالوا: {والله أَمَرَنَا بِهَا} [الأعراف: 28] ولا يبعد عنهم قوم يسفهونه بفعل القبائح، وتجويز أن يخلق خلقاً لا لغرض، ويؤلم لا لعوض، ويظلمونه بتكليف ما لا يطاق، ويجسمونه بكونه مرئياً معايناً مدركاً بالحاسة، ويثبتون له يداً وقدماً وجنباً متسترين بالبلكفة، ويجعلون له أنداداً بإثباتهم معه قدماء {وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ} جملة في موضع الحال إن كان (ترى) من رؤية البصر، ومفعول ثانٍ إن كان من رؤية القلب.


{وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (61)}
قرئ: {ينجي} و {ينجي} {بِمَفَازَتِهِمْ} بفلاحهم، يقال: فاز بكذا إذا أفلح به وظفر بمراده منه. وتفسير المفازة قوله: {لاَ يَمَسُّهُمُ السواء وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} كأنه قيل: ما مفازتهم؟ فقيل: لا يمسهم السوء، أي ينجيهم بنفي السوء والحزن عنهم. أو بسبب منجاتهم، من قوله تعالى: {فَلاَ تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مّنَ العذاب} [آل عمران: 188] أي بمنجاة منه؛ لأنّ النجاة من أعظم الفلاح، وسبب منجاتهم العمل الصالح ولهذا فسر ابن عباس رضي الله عنهما المفازة بالأعمال الحسنة، ويجوز: بسبب فلاحهم؛ لأنّ العمل الصالح سبب الفلاح وهو دخول الجنة. ويجوز أن يسمى العمل الصالح في نفسه: مفازة؛ لأنه سببها. وقرئ: {بمفازاتهم} على أن لكل متّق مفازة.
فإن قلت: {لاَ يَمَسُّهُمُ} ما محله من الإعراب على التفسيرين؟ قلت: أما على التفسير الأوّل فلا محل له؛ لأنه كلام مستأنف. وأما على الثاني فمحله النصب على الحال.


{اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (62) لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (63)}
{لَّهُ مَقَالِيدُ السماوات والأرض} أي هو مالك أمرها وحافظها، وهو من باب الكناية؛ لأنّ حافظ الخزائن مدبر أمرها هو الذي الذي يملك مقاليدها، ومنه قولهم: فلان ألقيت إليه مقاليد الملك وهي مفاتيح، ولا واحد لها من لفظها. وقيل: مقليد. ويقال: إقليد وأقاليد، والكلمة أصلها فارسية.
فإن قلت: ما للكتاب العربي المبين وللفارسية؟ قلت: التعريب أحالها عربية، كما أخرج الاستعمال المهمل من كونه مهملاً.
فإن قلت: بما اتصل قوله: {والذين كَفَرُواْ} قلت: بقوله: {وَيُنَجِّى الله الذين اتقوا} أي ينجي الله المتقين بمفازتهم، والذين كفروا هم الخاسرون. واعتراض بينهما بأنه خالق الأشياء كلها. وهو مهيمن عليها فلا يخفى عليه شيء من أعمال المكلفين فيها وما يستحقون عليها من الجزاء، وقد جعل متصلاً بما يليه على أن كل شيء في السموات والأرض فالله خالقه وفاتح بابه والذين كفروا وجحدوا أن يكون الأمر كذلك أولئك هم الخاسرون وقيل: سأل عثمان رضي الله عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تفسير قوله تعالى: {لَّهُ مَقَالِيدُ السماوات والأرض}، فقال: «يا عثمان، ما سألني عنها أحد قبلك، تفسيرها: لا إله إلاّ الله والله أكبر، وسبحان الله وبحمده، وأستغفر الله ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله، هو الأوّل والآخر والظاهر والباطن بيده الخير يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير» وتأويله على هذا؛ أن لله هذه الكلمات يوحد بها ويمجد، وهي مفاتيح خير السموات والأرض، من تكلم بها من المتقين أصابه، والذين كفروا بآيات الله وبكلمات توحيده وتمجيده، أولئك هم الخاسرون.

8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15